ثورة الفايسبوك…هل ستحقق تغيرا اجتماعيا-ثقافيا؟

الفايسبوك…استخدامات اخرى:
ان محتوى الفايسبوك اليوم لم يعد مجرد يوميات واخبار شخصية،يتداولها الاصدقاء فيما بينهم وحسب ، بل اصبح اكبر من ذلك بكثير، فقد دخل الفايسبوك عدة مجالات لم يكن متوقعا انه يمكن استخدامه لصالحها،ساورد بعض الامثلة عن الاستخدامات الحالية للفايسبوك التي غيرت او قد تغير الحياة الاجتماعية-الثقافية لمستخدميها.
1-في مجال الاعلام:
بعض وسائل الاعلام اصبحت تستخدم الفايسبوك كمصدر للاخبار،وفي احيان كثيرة يتم استخدامه من طرف الصحف والمجلات وحتى القنوات التلفزيونية لنشر الاخبار .فغالبا ما تجد الصحف مثلا تنشيء حساب لها على الموقع وتضع فيه الاخبار التي تنشرها في نسختها الورقية.
2-الشركات والتسويق:
ليست وسائل الاعلام وحدها من استفادت من خدمات الفايسبوك ،ل حتى الشركات اصبحت تعتمد على الموقع لتسويق منتجاتها،والترويج لخدماتها،كما تاخذ بعين الاعتبار الاراء الاولية لمستخدمي المنتوج لاجراء التحسينات عليه.
3-الادباء والكتاب:
هذه الفئة ايضا استفادت لحد ما من خدمات الموقع ، حيث ان الاثارة التي تسبق طرح رواية معينة،تجعل القاريء متشوقا لمعرفة المزيد،والمثال على ذلك نجاح رواية احلام مستغانمي الاخيرة “نسيان دوت كوم” -رغم ان روايات احلام ناجحة دوما الا ان الترويج الذي لقيته الرواية الاخيرة على الفايسبوك ساعد في نفاذ الرواية بسرعة فائقة-
4-السياسة والحملات الانتخابية:
اجل،فقد دخل الفايسبوك الى السياسة حيث تم استخدامه في الانتخابات الامريكية الاخيرة،والبعض يعتقد انه من العوامل المساعدة على نجاح اوباما في هذه الانتخابات.
وقد حاول بعض السياسيين اعادة التجربة وهو ماحدث فعلا في انتخابات ايران،حيث حاول مير حسين موسوي اعادة تجربة اوباما لكن ايران حجبت الموقع لذات السبب.وحتى تجربة الانتخابات العراقية تحاول الاستفادة من الفايسبوك.
كل هذه الامور وغيرها ادت الى ظهور مصطلح ثورة الفايسبوك ، فهل سياتي الفايسبوك حقا بثورة تغيراجتماعي ثقافي؟
ام ان الامر لا يعدو مجرد انبهار بالخدمات التي يقدمها الموقع؟ولن تتجاوز مستخدمي الموقع الى ارض الواقع فعليا؟
ان معرفة الاثر الاجتماعي – الثقافي الذي يحدثه الموقع على ارض الواقع صعب القياس، لعدة اعتبارات اهمها عدم تحديد وحدة التغير الاجتماعي بدقة،اضافة الى ان التغير الاجتماعي – الثقافي مرتبط الى حد كبير بالقيم الجماعية لافراد المجتمع،وهو ما يتحكم في سرعة واتجاه التغير، اضافة الى ان التغير قد يقوي او يضعف هذه القيم ،لتحل محلها قيم اخرى انتجها هذا التغير.
الفايسبوك : تطور ، تقدم ، او تغيراجتماعي – ثقافي؟
التقدم:
“ان مصطلح التقدم يعني الارتقاء من مرحلة دنيا الى مرحلة عليا على سلم التطور الاجتماعي “*فهو مصطلح يحمل حكم قيمي،
واذا اردنا القول ان الفايسبوك احدث تطورا اجتماعيا فهذا يعني بالضررورة تطور نحو الاحسن،وينفي اي عيوب صاحبت استخدام الموقع،وهذا لا يمكن تاكيده، بحكم ان الفايسبوك في النهاية يعتمد على طريقة تعامل المستخدم معه،هذا الاخير قد يحسن وقد يسيء استخدام الموقع وبالتالي الفايسبوك لا يحقق التقدم بالضرورة.
التطور:
“التطور يحدث وفق قوانين معروفة،ويتم في اتجاه واحد،ولا يحدث عن طريق الثورة،”**
رغم ان التطور لا يحمل حكم قيمي عكس التقدم الا ان الفايسبوك لا يدخل تحت مفهوم التطور الاجتماعي،فالتطور يتم وفق قوانين لكن لا قوانين تحكم الفايسبوك،كما ان التطور يتم في اتجاه واحد مثل قوانين ماركس ،-انتقال المجتمعات من البدائية الى الاقطاع مثلا-فالتطور هنا كان في اتجاه واحد،بينما ما قد يحدثه الفايسبوك لا يمكن ان يسير في اتجاه واحد ، لاختلاف خصائص مستخدميه.
التغير:
“التغير الاجتماعي تعبير محايد لا يتضمن اي احكام قيمية،ولاينطوي على شيء سوى اختلاف في الموضوع الذي يشير اليه بمرور الوقت “.***
برايي يعد هذا المفهوم الاقرب،لما قد يحدثه الفايسبوك من تغير على مستخدميه،وطريقة تعاملهم مع محيطهم الثقافي والاجتماعي،بغض النظر عن سيرورة هذا التغير وسرعته واتجاهاته.
الفايسبوك اليوم دخل عدة مجالات وبقوة ،لذا لايمكن انكار ما قد يحدثه من تغير في هذه المجالات على المدى القريب او البعيد.
لكن يبقى من الجيد اجراء دراسات تهتم بالاثر الاجتماعي الثقافي للفايسبوك على مستخدميه ، وعلى حياتهم الاجتماعية، ودراسة اتجاهات هذا الاثر،ومدى شدته،ليكون الفصل علميا في مجال الاثر الذي احدثه او قد يحدثه هذا الموقع الاجتماعي .

ويبقى السؤال مطروحا:هل ستحقق ثورة الفايسبوك تغيرا اجتماعيا -ثقافيا؟