عدد المساهمات : 2604 تاريخ التسجيل : 05/02/2010 العمر : 35 الـبلد : الوطن العربي
موضوع: ثورة الزعاطـة 23/9/2010, 12:42
ثورةالزعاطشــــــــــــــــــــــــة ما تزال الكثير منصفحات الجهاد والنضال الذي خاضته الشعوب العربية والإسلامية يطويه النسيان، رغمروعة الجهاد وعظم التضحيات، ولعل ذلك يرجع إلى أن مَن كتب تاريخ المرحلةالاستعمارية في بعض هذه البلدان كان هو الاستعمار نفسه، حيث اهتم بـ"بطولاتهوإنجازاته" والحركات التي هددت مصيره فقط!! أما مجمل الحركة الوطنية الشعبية فتركهانهبا للنسيان، وعول على السنين وضعف ذاكرة الشعوب لمحو هذه البطولات التي تكشف عنحقيقة هامة ومركزية؛ وهي أن الشعوب المسلمة ليست شعوبا ميتة، كما أنها شعوب تنشدالحرية والكرامة، وليست مجبولة على الخضوع والخنوع والقابلية للإذعان. كما تكشفهذه الصفحات أيضا أن حركات التحرر الوطني لا تنمو فجأة، ولكن تسبقها مرحلة طويلة منالتحضير والنضال الطويل حتى تستوي على سوقها. ولا ننسى هنا كذلك أن بعض المؤرخينكانوا متأثرين بالمدرسة الاستعمارية، ونظروا إلى الشعوب وكفاحها من نفس المنظورالاستعماري؛ حيث أهملوا حركة الشعب، وانصب اهتمامهم على حركة المستعمر وحركة السلطةالتي تولت الحكم بعد الاستعمار!! الاستعمار الفرنسي كان الاستعمار الفرنسيللجزائر غزوا متعدد الأهداف والاتجاهات، ومن ثم تعددت جبهات مقاومته؛ فـ"نفسيا" رفضالشعب الجزائري الخضوع لسلطة "الكافر"، ومن هنا كانت العقيدة أول الخيوط التي اعتصمبها الشعب في مواجهة الفرنسيين، ثم "كانت الغيرة على العرض والأرض" دافعا للمقاومة؛إذ كانت بشاعات جنود الاحتلال تسبقهم، وكانت حكايات افتراس الجنود لأعراض الصباياالصغيرات وهدم المساجد ذات أثر فعال في إشعال جذوة الجهاد في النفوس. ونشير هناإلى أن السلطة الرسمية الممثلة في الباي حسين باشا لم تصمد أمام الفرنسيين؛ فهربتمن الميدان، وتركت الشعب ليواجه مصيره على يد استعمار يستهدف العقيدة والثروة.. تذكر المراجع الفرنسية أن الجنود الفرنسيين الذين جاءوا إلى الجزائر على متن (675) سفينة كانوا من الفلاحين الجهلة الذين خرجوا تحت شعارات تخليص الجزائريين منالاستبداد ومنحهم الحرية (حيث كانت الأفكار المثالية عن عبء الرجل الأبيض منتشرة فيأوروبا في تلك الفترة) فلما دخل الفرنسيون الجزائر بعث الرئيس الأمريكي "ثيودورروزفلت" ببرقية تهنئة إلى الفرنسيين يعبر فيها عن امتنانه لباريس عن دورها في تخليصالأمم المتحضرة من هؤلاء القراصنة. دخل الفرنسيون الجزائر العاصمة بعد هروبالسلطة والجيش، فكان في انتظارهم الخزناجي (وزير المالية) ليسلم للقائد الفرنسي "بورمون" مفاتيح خزائن البلاد، وعندما فتح الفرنسيون الخزينة وجدوا فيها أكثر من 50مليون دولار، وهو مبلغ ضخم جدا في ذلك الوقت (ويمكن لنا هنا أن نذكر ما حدث فيالعراق) فحدثت عمليات اختلاس كبيرة لهذه الأموال من القادة الفرنسيينأنفسهم. وذكر بعض المؤرخين الفرنسيين أن هؤلاء القادة تبادلوا الاتهامات، ونسواما جاءوا من أجله، أما الجنود فيقول مؤرخ الجيش الفرنسي "بول أزان": إنهم اشتغلوابالنهب، "وليس إعادة الإعمار"!! الشعب والاستعمار رأى أعيان الجزائر هذاالفساد من الفرنسيين، فتملك بعضهم شعور الصدمة، وردد آخرون "مكتوب …مكتوب"، وأصابآخرين الخوف، واعتكفوا في المساجد للاحتماء من هذا الخطر الداهم!! كان هناك فراغهائل في السلطة الجزائرية بعد هروب الحاكم وذوبان السلطة؛ خاصة أن الفرنسيين أوقعهمجهلهم بالشعب واللغة، وقراراتهم الإدارية المتخبطة في مشكلات كبيرة أدت إلى الفوضىوغياب الأمن، وقاموا بترحيل جماعي للعثمانيين الذين حكموا البلاد طيلة 3 قرون،والذين امتلكوا خبرة واسعة بالشئون الإدارية والسجلات؛ كذلك اعتمدوا على اليهودوالانتهازيين، وأنشئوا فرقة تسمى "فرقة باريس" جمعت حثالة فرنسا من المجرمينواللصوص وكانت مكلفة بحفظ الأمن، وأنشئوا نواة لجنة للإدارة كان لليهود حضور بارزفيها، ثم شكلوا تكوينات من الشرطة المحلية كانت مثالا للفساد والانحراف. وسعىالقائد الفرنسي "بورمون" لتأسيس قوة عسكرية محلية من سكان الجبال (البربر) وتمتشكيل فرقة، لكن الشبان المسلمين فروا منها (تذكر ما فعله الأمريكان بالعراق)؛ ففشلالمشروع في ذلك الوقت، فشكل الفرنسيون فرقة تسمى "اللفيف الأجنبي" (تشبه قواتالتحالف الدولي) كانت وبالا على الفرنسيين. وأثارت "الروح الصليبية" التي ظللتالحملة ودعوات التنصير غضب المسلمين، حيث حول الفرنسيون عددا من المساجد إلى كنائس،وتم هدم المقابر الإسلامية وأخذ عظام موتى المسلمين وشحنها إلى فرنسا لتُستخدم فيصناعة الفحم وتبييض السكر!! أحس الجزائريون أن هذه الحملة ليست كغيرها تضربوتنهب ثم تعود لبلادها، لكنها غزو من أجل البقاء الدائم؛ وكان هذا الشعور كافيالإشعال فتيل المقاومة في النفوس والدعوة إلى أن ينظم الشعب نفسه، وأن يبحث عن قيادةجديدة بعد أن سقطت السلطة المركزية التي كانت تشبه الإسفنجة التي تمتص طاقات الشعبوثرواته بشراهة ثم تتنازل عنها للعدو الخارجي مع أقل ضغط، وكانت المحنة صعبة علىشعب لم يشارك في الحكم لقرون طوال، ولا يعرف عن العالم الخارجي إلاالقليل. الشعب ينظم المقاومة كبت الفرنسيون مقاومة الجزائر في العاصمة، أماالريف فانطلقت فيه مقاومة عملاقة تلقائية قادها الزعماء الجدد الذين ملئوا فراغغياب السلطة، وكان هؤلاء هم علماء الدين والقيادات الوطنية المحلية التي عقدتاجتماعا عرف باسم "اجتماع البرج" في (3 من صفر 1246هـ= 23 من يوليو 1830م)، برزتفيه بعض الزعامات الشعبية، مثل: "محمد بن زعمون" زعيم قبيلة "فليسة"، وكان عمره 70عاما، وولديه "الحسين" و"حمدان"، وقرر زعماء القبائل بعد نقاش طويل إعلان الحرب علىالاحتلال، وعدم ترك الجنود الفرنسيين يخترقون أرض الجزائر كما يفعل السكين فيالزبد، وتكونت فرقة شعبية من 7 آلاف مقاتل تحت قيادة "الحسين بن زعمون" الذي كانعاشقا للجهاد. هاجمت هذه القوات جيش الفرنسيين الذي أرهقه البقاء محاصرا داخلالعاصمة، واستطاعت هذه القوات قتل (15) من الجنود الفرنسيين، فعاد الفرنسيون إلىالعاصمة وحبات العرق من خزي الهزيمة وحر المناخ تتساقط من جباههم، وكانت تلك أولمواجهة بين المقاومة والاحتلال؛ فكانت نصرا معنويا كبيرا، ولم يستطع الفرنسيونالخروج مرة أخرى خلال تلك الفترة. تكررت المعارك بين المقاومة الشعبيةوالاحتلال، وبدأت هذه المقاومة بقيادة "ابن زعمون" تتحرك برؤية تكتيكية؛ حيث هاجممزارع المستوطنين الفرنسيين، وقتل بعضهم، وأحرق بعض المزارع؛ ما أربك الاحتلال (قارن تدمير المقاومة العراقية أنابيب النفط) وهدد الوجود الاستعماري. برزتشخصية شعبية أخرى هي الحاج "علي السعدي" الذي تزعم المقاومة عندما رأى أعيانالجزائر قد لجئوا إلى الصلح منتظرين أن يفي الاحتلال بعهوده؛ فاتصل بكل من لهاستعداد للمقاومة وحرضهم على الجهاد، وخرج إلى الريف فوجد الاستعدادات أكثر والطاعةأقرب، فالتف حوله الطلاب وبعض الأعيان، ورفض دخول العاصمة لأنها تحت سلطة (كافر). ثم شاعت في أوساط المقاومين أن "السعدي" رأى في منامه أن النبي صلى الله عليه وسلميبشره بقرب هزيمة الفرنسيين؛ فكان لهذه الرؤيا أثرها في تهافت المجاهدينعليه. كانت روح الجهاد تظلل تلك الفترة من الكفاح الشعبي ضد الاحتلال، وكانتغالبية الزعامات لا تبحث عن ذاتها أو مصالحها؛ لذا كانت التحالفات بين المقاوماتسمة بارزة؛ فتحالف "ابن زعمون" مع "السعدي" تحت راية واحدة، وتمكنا من تهديدالعاصمة نفسها. ومن أهم معارك تلك الفترة "زاوية محمد القوري" التي قتلوا فيها (57) جنديا من المرتزقة الفرنسيين. اجتماع "سوق علي" عقدت المقاومة الشعبيةاجتماعا سمي بـ"سوق علي" في (ربيع ثان 1248هـ= سبتمبر 1832م) جمع كلمة المجاهدينتحت قيادة "ابن زعمون" لمواصلة الجهاد ومهاجمة المزارع، واستشهد القائد الميداني "حسين بن زعمون"، فاستمر والده الطاعن في السن في قيادة المقاومة الشعبية حتى عام (1253هـ=1837م). نماذج من المقاومة الشعبية * مصطفى بومرزاق: وكان واليالإقليم "التيطري" وكان معروفا بالشجاعة، وحالف الفرنسيين في البداية، إلا أن ضميرهالوطني والديني لم يرض عن ذلك، فسرعان ما أعلن الحرب على الفرنسيين، وحارب جيشالحاكم "كلوزيل" وقتل منه (27) جنديا في معركة مضيق "موازية"، ووصف "كلوزيل" المقاومين بأنهم "برابرة متعصبون" (وهو اتهام يشابه الإرهاب في عصرنا) لكنه وقع !