عدد المساهمات : 137 تاريخ التسجيل : 16/02/2010 العمر : 36 الـبلد : الجزائر
موضوع: الحضارة الإسلامية سمات وخصائص 22/4/2010, 15:12
الحضارة الإسلامية سمات وخصائص تعريف الحضارة الإسلامية أجمع العلماء على أنَّ الحضارةَ الإسلاميةَ تحتل مكانةً رفيعةً بينالحضاراتِ الكبرى التي ظهرت في تاريخ البشرية، كما أنها من أطول الحضارات العالميةعمرًا، وأعظمها أثرًا في الحضارة الإنسانية. والحضارة الإسلامية هي نتاجٌ لتفاعل ثقافات الشعوب التي دخلت فيالإسلام، سواء إيمانًا وتصديقًا واعتقادًا، أو انتماءً وولاءً وانتسابًا، وهيخلاصةٌ لتلاقح هذه الثقافات والحضارات التي كانت قائمةً في المناطق التي وصلت إليهاالفتوحات الإسلامية، ولانصهارها في بوتقة المبادئ والقيم والمُثُل التي جاء بهاالإسلام هدايةً للناس كافة، لقد نجحت الحضارة الإسلامية في اختيار العناصر الصالحةِمنها، ثم مزجت بينها وأكملت نواحي النقص بحيث صار لها في النهايةِ نكهة خالصة،وشخصية مميزة استمرَّت على مدى قرون طويلة، بل ما زالت تعيش بين ظهرانَيْنا حتىالآن. والحضارة الإسلامية نوعان: النوع الأول حضارة إسلامية أصيلة وتُسمَّىحضارة الخلق والإبداع، وقد كان الإسلام مصدرها الوحيد، وعرفها العالم لأول مرة عنطريق الإسلام، والنوع الثاني حضارة قام بها المسلمون في الأمور التجريبية امتدادًاوتحسينًا، كما عرفها الفكر البشري من قبل، وتُسمَّى حضارة البعث والإحياء، فالحضارةالإسلامية بهذا المفهوم الجامع الشامل العميق هي إرثٌ مشترك بين جميع الشعوب والأممالتي انضوت تحت لوائها، وشاركت في بنائها، وأسهمت في عطائها، وهي الشعوب والأممالتي كوَّنت وشائج الأمة الإسلامية ونسيجَها المُحْكَم. فليست الحضارة الإسلامية حضارةَ جنسٍ معيَّن فتكون بذلك حضارةًقوميةً تنتمي إلى قوم مخصوصين، ولكنها حضارةٌ جامعةٌ شاملةٌ للأجناس والقومياتجميعًا التي كان لها نصيبُها في قيام هذه الحضارة، ودورها في ازدهارها وتألقها، وفيامتداد تأثيرها ونفوذها إلى العالم الذي كان معروفًا خلال القرون التي سطع فيهانجمُها واتسع إشعاعها وامتدَّ نفوذها. سمات وخصائص الحضارةالإسلامية تنفرد الحضارة الإسلامية بخصائصَ وسماتٍ تكسبها الطابعَ المميزَ لهابين الحضارات الإنسانية المتعاقبة في الماضي والحاضر على السواء، ومن هذهالخصائص: - حضارة إيمانية إنها حضارة إيمانية انبثقت من العقيدة الإسلامية، فاستوعبت مضامينَهاوتشرَّبت مبادئها واصطبغت بصبغتها، فهي حضارةٌ توحيديةٌ انطلقت من الإيمان باللَّهالواحدِ الأحد، البارئِ المصوِّر، مبدعِ السماوات والأرض، الأولِ والآخر، الباطنِوالظاهر، خالقِ الإنسان والمخلوقات جميعًا. هي حضارةٌ من صنع البشر فعلاً، ولكنهاذات منطلقات إيمانية ومرجعية دينية، كان الدين الحنيف من أقوى الدوافع إلى قيامهاوإبداعها وازدهارها، ولقد تفرَّدت الحضارة الإسلامية بكونها الحضارةَ العالميةَالتي تبلورت وازدهرت في ظل المرجعية الدينية الإسلامية، بل وكأثر من آثار هذهالمرجعية الدينية، فلم يكن نهوضها وازدهارها كغيرها على أنقاض الدين وعمل الثورةعلى الدين كما حدث في أوروبا إبان عصر النهضة. - حضارة عالمية من خصائص الحضارة الإسلامية أنها عالمية الأفق والرسالة؛ فالقرآنالكريم أعلن وحدةَ النوع الإنساني رغم تنوع أعراقه ومنابته ومواطنه، في قوله تعالى﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىوَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَاللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات:من الآية13). إن القرآن حين أعلن هذه الوحدةَ الإنسانيةَ العالميةَ على صعيدِ الحقوالخير والكرامة جعل حضارته عقدًا تنتظم فيه جميع العبقريات للشعوب والأمم التيخفقت فوقها رايةُ الفتوحات الإسلامية، ولذلك كانت كل حضارة تستطيع أن تفاخربالعباقرة من أبناء جنس واحد وأمة واحدة إلا الحضارة الإسلامية، فإنها تفاخربالعباقرةِ الذين أقاموا صرحها من جميعِ الأممِ والشعوبِ.. فأبو حنيفة ومالكوالشافعي وأحمد والخليل وسيبويه والكندي والغزالي والفارابي وابن رشد.. وأمثالهمممن اختلفت أصولُهم وتباينت أوطانُهم، ليسوا إلا عباقرةً قدَّمت فيهم الحضارةُالإسلامية إلى الإنسانية أروعَ نتاجِ الفكر الإنساني السليم. فإذا نظرنا للحضارات السابقة على الإسلام فنجدها وقد عرفت كل الحواجزالتي أقامتها بين الفئات المختلفة من رعاياها، فالحضارة الرومانية فرَّقت فيالحقوقِ بين سكان روما وسكان سائر إيطاليا، ثم بين الرومان وسائر رعايا البلادالمفتوحة، وبين الذين خضعوا للإمبراطوريةِ ومن كانوا خارجها الذين دعتهم (برابرة)،أما حضارة الإسلام فقد أزالت الحواجز النفسية والمكانية بين أبنائها في مختلف أنحاءالعالم فكانت بحق إنسانية عالمية. - متماسكة في مواجهة التحديات تماسكت الحضارة الإسلامية وثبتت أمام التحديات التي لو واجهتها أيةحضارة أخرى لانتهت إلى زوال؛ فقد بنى المسلمون هذه الحضارة الإسلامية وصنعواالتاريخ الإسلامي في ظل أشرس التحديات، فلقد حرَّرت فتوحاتهم الإسلامية الأولىالشرق من القوى الاستعمارية القديمة.. الفرس والروم، ثم قهر المسلمون أطماعَ الحروبالصليبية التي دامت قرنين من الزمن، وعلى أيديهم تمت الهزيمة الأولى للمغول الذينأبادوا الأخضرَ واليابسَ، بل استطاعوا أن يُدخِلوا كثيرًا منهم في الإسلام، وفيالعصر الحديث قهروا أطماع أوروبا الاستعمارية، واليوم يصنع المسلمون تاريخًا منالصمود والمقاومة ضد أحلام الإمبريالية الأمريكية في العراق وشريكتها الصهيونية فيفلسطين ساعين إلى إلحاقها بمصيرِ الغزاةِ والمستكبرين. وسر هذا التماسك في القرآن الكريم.. هذا الكتاب الخالد جمع الأمةَالإسلاميةَ على مرِّ العصور، ومهما ضعفت فإن الله يقيِّض لها على رأس كل قرن منيجدِّد لها دينَها طالما كان بينهم كتاب الله، يقول تعالى ﴿إِنَّ هَذِهِأُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)﴾ (الأنبياء) ففيه القوة الجامعة لشتاتها "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعديأبدًا: كتاب الله وسنتي". ومن هنا حرص أعداء الإسلام على أن يطعنوا الأمةَ في موقعِ قوتها،وذلك بعزلها عن كتاب الله، ففي البلاد التي تتكلم بلغته حاولوا عزلها عن التطبيقلمفاهيمه وتحويله إلى شعائرَ تُتْلى في المآتم. أما البلاد التي تتكلم بلغات أخرىوكانت حروفها عربيةً فقد حرصوا على تبديل الحرف العربي الذي يربطها بالقرآن وإدخالحروف أجنبية تمهيدًا لعزلها عن مصدر (الشخصية الجماعية لأمة القرآن). - حضارة معطاءة إنها حضارة معطاء؛ أخذت واقتبست من الحضارات والثقافات الإنسانيةالتي عرفتها شعوب العالم القديم، وأعطت عطاءً زاخرًا بالعلم والمعرفة والفنالإنساني الراقي وبقيم الخير والعدل والمساواة والفضيلة والجمال، وكان عطاؤهالفائدةِ الإنسانية جمعاء، لا فرق بين عربي وعجمي، أو أبيض وأسود، بل لا فرق بينمسلم وغير مسلم، سواء أكان من أتباع الديانات السماوية والوضعية، أم ممَّن لا دينلهم من أقوام شتَّى كانوا يعيشون في ظل الحضارة الإسلامية. - حضارة باقية إنها حضارة باقية بقاء الحياة على وجه الأرض، تستمد بقاءَها منالإسلام الذي قامت على أساس مبادئه، وقد تكفل الله تعالى بحفظ الدين الحنيف، وهيبذلك حضارةٌ ذات خصوصيات متفردة، فالحضارة الإسلامية لا تشيخ لتنقرض، لأنها ليستحضارةً قوميةً، ولا هي بعنصرية، ولا هي ضد الفطرة الإنسانية، والإسلام لا يتمثَّلفي المسلمين في كل الأحوال، لأن المسلمين قد يضعفون ويقل نفوذُهم ويتراجع تأثيرُهم،ولكن الإسلام لا يضعف ولا يقل نفوذُه ولا يتراجع تأثيرُه، وهي بذلك حضارة دائمةالإشعاع تتعاقب أطوارها وتتجدَّد دوراتها. - ذات وحدة في الروح والطابع أول ما يتجلَّى لنا عند النظر إلى حضارة الإسلام بصورة عامة هووحدتها أي تشابهها في الروح والخصائص المميزة لها أيًّا كان ميدانها، فسواء نظرناإلى الفقه أو الشريعة أو الفلسفة أو الطب أو الصيدلة أو العمارة فإننا نحس أن بينهاوعلى اختلافها في الطبيعة الخاصة بكل منها خيطًا رفيعًا رابطًا يحس به الإنسان لأولوهلة، وهذا الخيط غير المنظور هو الذي يُشعرنا بأنَّ هذه كلها ميادين من حضارةٍواحدة، ويرجع ذلك في نهاية الأمر وبدايته إلى الإسلام، الذي هو عقيدة وشريعة ونظامإجتماعي وخط سلوكي وحضارة، وهذه هي القوائم التي قامت عليها بناء الحضارة الإسلاميةفي شتى صورها وأشكالها، وهذه الوحدة في الروح والطابع هي التي أعطت المجتمعالإسلامي هذه الوحدة. - حضارة متوازنة وازنت الحضارة الإسلامية بين الجانب الروحي والجانب المادي فياعتدال، فلا تفريط ولا إفراط ولا غلو، هذه بعض سمات حضارتناالإسلامية.