مفهوم الرأي العام وتطوره.
1.1 مفهوم الرأي العام :
تستخدم عبارة "الرأي العام" عادة للدلالة على تجميع أراء الناس وتكاملها بشأن المسائل التي تؤثر في المجتمع أو تهمه وهو بهذا المعنى يحمل في طياته مجموعة مختلفة الآراء والمعتقدات والآمال والأحقاد
فالرأي العام إذا غامض وغير ثابت بل انه يعد ظاهرة سطحية، بمعنى سرعة التغير دون مقدمات حتى أن "ايسنك" العالم الأمريكي الشهير سمى هذه الظاهرة "المرأة اللعوب" وقبل أن نتطرق التعريفات الرأي العام يهمنا أن نحلل عناصر مفهوم الرأي العام ذاته.
أ- الرأي: opinion: هو جهة النظر التي يعبر عنها تعبيرا خارجيا ومكشوفا أي انه يتضمن الإعلان عن وجوده بواسطة ألفاظ أو رموز تسمح لفهم الواقعة المعلن عنها.
ب- العام:public: نشير إلى المعاني التالية
· العام هو ليس بالخاص وهو قد يستخدم في أن نقول "مصلحة عامة".
· العام هو الشيء المشترك.
· العام هو العلني الذي يعرفه الجميع.
والحقيقة أن الرأي العام يمكن أن يجمع الصفات والمعاني الثلاثة السابقة، فهو ليس بخاص لأنه لا يقتصر على الفرد أو جماعة كما انه يعبر عن موقف مشترك لأغلب عناصر المجتمع وهو يتصف بالعلانية ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). لقد تعددت التعاريف حول مفهوم الرأي العام:
عرفه الأستاذ "كلاريد كنج" في مقدمة كتابه قرارات في الرأي العام فقال: "انه الحكم الذي تصل إليه الجماعة في مسألة ذات بال، وذلك بعد مناقشات علنية مستوفاة"([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) أما تبعا لنظرية "ستوتزل": فان مفهوم الرأي العام يؤكد على ضرورة الاتفاق الاجتماعي بين بعض أعضاء الجماعة حول مسالة معينة، أما في حالة كون كل فرد من أفراد الجماعة يحمل رأيا مخالفا للآخرين فلا يوجد حينذاك رأي عام[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كما عرفه الأستاذ "جيمس براس" في كتابه "الديمقراطيات الحديثة" فقال:
"انه اصطلاح يستخدم للتعبير عن مجموعة الآراء التي يدين بها الناس أراء المسائل التي تؤثر في مصالحهم العامة والخاصة " ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) وفي تعريف "جولد نسون": هو ذلك الاتجاه العام للجمهور نحو قضية ما أو مجموعة من القضايا تهم مجتمعا معينا.
أما "دافيد ترومان": يعرفه على انه أراء مجموعة من الأفراد الذين يكونون الجمهور والذين يناقشون المسألة وهولا يتضمن أراء جميع الأفراد في هذا الجمهور وإنما يتضمن فقط أراء هؤلاء المتصلين بالمسألة ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) كما حاول المفكرون العرب الإسهام في تعريف الرأي العام فعرفه الدكتور "إسماعيل علي سعد" أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الإسكندرية بأنه "حصيلة أفكار ومعتقدات ومواقف الأفراد والجماعات إزاء شان أو شؤون تمس النسق الاجتماعي كأفراد وتنظيمات ونظم والتي قد تؤثر نسبيا أوكلها في أمور الجماعة الإنسانية على النطاق المحلي أو الدولي ".
أما الدكتور عبد القادر حاتم" فقد رأى أن الرأي العام هو الحكم الذي تصل إليه الجماعة إزاء قضية مهمة وينتج هذا الرأي عن المؤثرات وردود الأفعال المتبادلة بين أفراد جماعة كبيرة وانه يتشكل من خلال عناصر متداخلة تتفاعل فيما بينها([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). في تعريف آخر للأستاذ "البج" albig: "أنه ثمرة تفاعل الأفكار في أي وضع من أوضاع الجماعة التي تصدر عنها هذه الأفكار" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) 2.1 تطور الرأي العام:
يمكننا تعقب الاهتمام بالرأي العام من القرن الرابع عشر قبل الميلاد منذ أيام الفيلسوف الإغريقي "أفلاطون" وأستاذه "سقراط" فقد كانت الفلسفة لليونان القديمة تتعامل مع الأخطار والفوائد المحتملة للحكم الشعبي، وقد سارع أفلاطون إلى ذم السياسة الديمقراطية مصورا الفلسفة على أنها الموجه الصحيح للأمور الإنسانية([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) كما نظر للرأي العام بدرجة ضئيلة من الاحترام لدرجة انه يرى الناس على أنهم مجرد حشد ضئيل وقد أصبح هناك اهتمام اكبر بالفرد مع قدوم عصر التنوير باعتباره إنسانا قادرا على التفكير السليم، وهذا الاعتقاد الجديد أدى إلى بروز مفهوم الإرادة العامة التي يجب تمييزها على أنها نوع من آرائنا العامة، ويعتبر "روسو"من يرجع له الفضل في الاستخدام الأول لعبارة الرأي العام ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) في عام 1744 مستخدما إياها للإشارة إلى العادات الاجتماعية وسلوكيات المجتمع وبحلول 1780 كان الكتاب الفرنسيون يتوسعون في استخدام الرأي العام للإشارة إلى ظاهرة سياسة وليس ظاهرة اجتماعية مقترنة غالبا بالإرادة العامة و"الروح العامة" و"الضمير العام" ومصطلحات أخرى متصلة بهذا المعنى. وقد بدأت عدة عوامل وقوى تاريخية في العمل قديما ومنذ القرن الخامس عشر في إظهار الرأي العام وبلورته فقد سمحت التطورات التكنولوجية في مجال الطباعة والنشر الواسع النطاق للمؤلفات المكتوبة والتي زادت قوة في القرن السادس عشر مع نمو فئات التجار ورجال الأعمال والتوسع في التعليم والتي كانت تدعمه بشدة حركة الإصلاح البروتستائية وقد نتج عن ذلك كله التوسع في القراءة بين العامة وبحلول القرن الثامن عشر أصبح الأدب السياسي والأخلاقي شائعا بين الطبقات المثقفة فخلال القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر ظهرت مؤسسات اجتماعية حديثة أخذت وضعها مثل مقاهي انجلترا، صالونات باريس، ومجتمعات المائدة في ألمانيا وكان يعقد في هذه الأماكن الندوات الأدبية والمناظرات السياسية والثقافية، ومع تنامي الطبقة المتوسطة.
في القرن الثامن عشر حصلت العامة المثقفة على قوتها السياسية وقوى مركزها وأصبح التبادل الحر للمعلومات والتفكير النقدي المنفتح هو الأداة المستخدمة من قبل العامة لتأكيد ذاتها في الموضوعات السياسية وانبثق عن ذلك " الرأي العام" باعتباره شكلا تستطيع الطبقة البرجوازية أن تتحدى من خلاله الحكم الاستبدادي" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). في أوائل القرن التاسع عشر جاءت أعمال "ميل وينتام " لتظهر دورا أساسيا رسميا أكثر للرأي العام وقد ذهب هؤلاء إلى أن الناس يتصرفون أساسا لإشباع رغباتهم الفردية إذن فالمجتمع يتكون من أفراد يعطون أهمية القصوى لمصالحهم ومنافعهم وبالتالي هناك حاجة لوسيلة التنسيق بين هذه الاهتمامات والمصالح المتفرقة، وكان الحل هو حكم الأغلبية المؤسس بواسطة الانتخابات والاستفتاء العام، وعلى الدولة أن تقوم بدور الحكم بين الأفراد والمجموعات المتنافسة لإعطاء الأهمية الكبرى لاهتماماتهم من خلال التنافس الاقتصادي والتبادل الحر للمعلومات ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). وقد وضع الرأي العام شكل متزايد مع اقتراب نهاية القرن التاسع عشر تحت التحليل في الدراسات التجريبية التي ميزت العلوم الاجتماعية النامية، وكان الكتاب متأثرين في ذلك بالقوة الجديدة للرأي العام للعام في المجتمع والتي بدا أنها تكتسب قوة وتتوسع لتشمل تقريبا كل الفئات الاجتماعية مع التقدم في التعليم وانبثاق وسائل أكثر فعالية في الاتصالات العامة.
ولقد كان هناك تحول مع اقتراب القرن العشرين في منهج التحليل للرأي العام فقد عكست أعمال القرن العشرين اهتمامات اجتماعية ونفسية بدلا من الاهتمامات السياسية الفلسفية، حيث كانت المناقشات المبكرة عن الرأي العام تدور حول الحالة الفلسفية المعنية بتحويل رغبات فردية منفصلة إلى إرادة موحدة إذ بتوجه الاهتمام المحللين الآن إلى مشكلة تفهم الاعتبارات الجماعية والسلوكية للرأي العام،فتحول الاهتمام إلى التساؤل عن سلطة الرأي العام في المجتمع والوسائل التي يمكن بها تعديله والأهمية النسبية للعوامل العاطفية والثقافية في تشكيله ،ونجد عند مطلع القرن العشرين انه على الرغم من أن البحث العلمي الاجتماعي والتحليل المعياري الفلسفي للرأي العام قد سلكا مسلكين منفصلين إلى حد ما إلا انه لا يزال هناك ربط هام وحيوي بينهما، فالنتائج التجريبية المبنية للكيفية التي يتطور ويعمل بها الرأي العام في المجتمع لا يمكن تفسيرها إلا في ضوء كيف تعتقد أن الرأي العام عليه أن يعمل.
2.أنواع الرأي العام وخصائصه
1.2 أنواع الرأي العام:
نعرض فيما يلي لأهم التقسيمات طبقا للعديد من المعايير التي تستخدم في تقسيم الرأي العام.
أولا: التصنيف طبقا لانتشار الرأي العام ويضم:
§ الرأي العام المحلي:
ويقصد به الرأي السائد على مستوى احد أجزاء المجتمع السياسي وفي نطاق مصالح هذا الجزء يعكس جميع صفات الرأي العام القومي ولكن بدرجة أكثر نوعية.
§ الرأي العام القومي:
وهو الرأي الذي يرتبط بالوطن أو الدولة الكائن بها وتستند إليه السلطة القائمة ويتميز بخصائص أهمها التجانس، إمكانية التنبؤ، ومعالجته للمشكلات القومية.
§ الرأي العام العالمي:
وهو الرأي السائد بين أغلبية شعوب العالم في فترة معينة نحو قضية أو أكثر يحتدم فيها الجدل والنقاش وتمس المصالح المشتركة أو القيم الإنسانية الأساسية وهو سمة من سمات المجتمع الدولي المعاصر ويؤثر تأثيرا فعالا في توجيه سياسته([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). ثانيا: تقسيم الرأي العام وفقا لعنصر الزمن ويضم:
§ الرأي العام اليومي:
وهو عبارة عن رد فعل لما يحدث يوميا ويتغير من يوم إلى آخر حيث يتأثر بالحوادث اليومية ومجريات الأمور، وتغذية بصفة خاصة الأحداث السياسية الجارية والمناقشات ووسائل الإعلام المختلفة.
§ الرأي العام المؤقت:
ويتألف من رأي عدد من الناس بالنسبة لموضوع معين وفترة زمنية ومكانية معينة ويتغير إذا تغيرت إحدى هذه العوامل وتمثله الأحزاب السياسية والهيئات الخاصة ذات البرامج المحددة والأهداف المعينة ويوصف هذا الرأي بأنه ديناميكي أي نشيط ومتحرك ويستمد قوته من اعتماده على الحيوية والعقلانية أكثر من اعتماده على التقاليد والعادات والقيم الراسخة.
§ الرأي العام الدائم:
هذا الرأي أكثر رسوخا حيث يرتكز على أسس تاريخية وثقافية ودينية وهو يمتاز بأنه أكثر تأثيرا في الناس واستقرارا وثباتا على مر العصور ويتخذ أشكال العادات والتقاليد([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). ثالثا: التقسيم حسب قوة التأثير والتأثر:
§ الرأي العام النشط:
وهو مجموعة صغيرة قد تصل إلى 15% من حجم العامة وفي هذه المجموعة نجد الممثلين الذين تحدث عنهم "ليمان" وتضمن اشتراك هذه المجموعة في الشؤون السياسية وسائل رسمية للمشاركة السياسية كالإسهامات المالية والعضوية في التنظيمات وحضور الاجتماعات وكذلك مشاركة غير رسمية نشطة جدا مثل: المناقشات العامة.
§ الرأي العام الواعي:
هو مجموعة من الأفراد تزيد في حجمها عن المجموعة النشطة لتصل تقريبا الى50% من عامة الشعب المشاركين في العملية الانتخابية وقد ذهب "ألموند" إلى أن " العامة الواعية " هي التي تكون عالمة مهتمة بمشاكل السياسة الخارجية.
§ الرأي العام المنقاد:
تتكون هذه المجموعة من فئة لا تنتمي إلى الفئتين السابقتين وغالبا ما يطلق عليها " جمهور الناخبين " وهو جمع كبير غير متمايز نسبيا يمثل ثلاثة أرباع الشعب في بعض الحالات وهو من غير القادرين على مواصلة الاطلاع والبحث ومن غير القادرين على متابعة الأحداث، لذلك ينساق أصحاب هذا لما يوجهه لهم الرأي العام المستنير والقارئ وتؤثر فيهم وسائل الإعلام بدرجة أكثر([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). رابعا: التقسيم حسب معيار الحجم:
§ رأي الأقلية:
هو رأي مجموعة من الأفراد لم يظفروا بهذه الأغلبية ولكن لرأيهم برغم كونهم أقلية أهمية كبرى في الحياة السياسية والاجتماعية بحيث لا يمكن إهماله أو إنكاره بأي وجهة من الوجوه.
§ رأي الائتلافي:
ويقصد به رأي جملة من الأقليات المختلفة في اتجاهاتها والتي اجتمعت لتحقيق هدف معين تحت ظروف خاصة ويزول بزوال هذه الظروف الخارجية.
§ رأي الأغلبية:
هو الذي يمثل ما يزيد على نصف الجماعة...وإذا كان حكم الأغلبية أمرا مرغوبا فيه فان ذلك يعني أن تكون الأغلبية هي التي تحكم وان يكون لدى جمهور الناخبين من المعرفة والفهم ما يمكنهم من اتخاذ قراراتهم دون أن تكون هذه الأغلبية نتاج الدعاية المضللة أو التنسيق والاتفاق بين الجماعات الضاغطة أو عدم قدرة الجمهور على فهم الحقائق التي ينبغي أن يكون رأيه بناء على أساسها([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). 2.2 خصائص الرأي العام:
حاول الباحثون في مجال الرأي العام وضع عدد من الخصائص الشاملة للرأي العام وهي:
v الشدة: intensity: وتتعلق بمدى عمق إحساسك شيء ما فمن الممكن أن تكون لدينا أراء بشان العديد من القضايا ولكن قد يكون إحساس قوى أو شديد جدا بشان القليل فقط، فعلى سبيل المثال نجد أن بعض الناس يعارضون الإجهاض بشدة بينما نجد آخرين يؤيدونه بشدة ، وذلك بعيدا عن الظروف المحيطة أو الكائنة بالحدث.
v عدم الثبات: instability: الخاصية الثانية تتعلق بالرغبة في تغيير الآراء فنجد أن بعض الآراء اعتمادا على القيم الاجتماعية والسياسية الراسخة أو اعتمادا على المعتقدات السائدة تظل ثابتة أو تكون ذات تغيير بطيء جدا أو يكون من المحتمل عدم تغييرها.
v البروز والأهمية: inportance and salience
يتم التعامل مع البروز والأهمية على أساس أنها شيئان متبادلان بالرغم من أنهما قد يكونان متمايزين من ناحية المفهوم، فيعتبر رأي ما بارزا عندما يكون في بؤرة الانتباه ويعتبر هاما عندما يكون موضع اهتمام ربما تكون الخاصتان مرتبطتين عرضيا، فهما أعطي وقت طويل للتفكير في شيء ما بدا أكثر أهمية وعلى العكس فقد تشغل الأشياء التي حكم عليها على أنها هامة حيزا كبيرا من انتباه الفرد
v التيقن: escplored:
ربما يكون التيقن الذي يعتنق به رأي ما هو اقل ما اهتم به تجريبيا ونعني هنا مدى ثقة الفرد من أن رأيه على صواب([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). v مضمون الرأي العام ومحتواه:
وهي الخاصية التي تتعلق بكمية المعلومات المتوفرة لدى الرأي العام ونوعيتها عن موضوع أو قضية أو مشكلة معنية وتحديد مدى قيام الرأي العام على معرفة حقيقة الموضوعات والقضايا المثارة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). 3. مراحل تكوين الرأي العام
يمر تكوين الرأي العام بعملية من خمس مراحل، تبدأ بمرحلة الإدراك أي تصور أو رؤية أو فهم مسالة أو ظاهرة ما، ويبدأ هذا الإدراك في صورة تصور فردي للمشكلة ، ويتأثر الفرد في إدراكه للمشكلات العامة بأكثر من عامل تمثل في معظمها العوامل التي تؤثر في تكوين الرأي العام.
ويلي ذلك مرحلة الصراع ويتم في تلك المرحلة التعبير عن المشكلة في شكل موقف فردي، ولكنه يرتبط بالقوى الاجتماعية وعادة ما يبدأ هذا الصراع فرديا ثم يتحول إلى صراع جماعي وقد يتحول إلى صراع نظامي في حالة وجود أحزاب سياسية
وتأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة البلورة والتركيز أي بلورة وتركيز وجهات النظر المختلفة في شرائح معبرة عن مواقف أكثر تجديدا، ذلك أن المنافسة أو الصراع الفكري بين الآراء المختلفة يؤدي إلى إبراز وتوضيح وتحديد المفاهيم الأساسية للمشكلة (أبعادها وعواملها ونتائجها ) وهذا التوضيح الفكري يؤدي بدوره إلى القضاء على التباين الجزئي أوالمحدود وبالتالي التقريب بين المواقف والآراء المتشابهة والقضاء على المواقف المتعصبة أو المتطرفة ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). يؤدي ذلك كله إلى عملية تركيز في شرائح الرأي العام في شكل ثلاثة مواقف رئيسية مع خلاف في درجة كل موقف منها: موقف التأييد،موقف المعارضة، موقف الحياد واللامبالاة وعدم الاهتمام وعدم تقرير رأي ما.
ثم تأتي المرحلة الرابعة وهي مرحلة الرضا ومرحلة التركيز وما يواكبها من مناقشة تؤدي إلى وضوح نقاط معينة بخصوص المشكلة، تتفق بشأنها كافة فئات وشرائح الرأي العام وقد يؤدي هذا إلى خلق نوع من الوحدة في اتجاهات الرأي العام بصدد مسألة معينة أو جانب معينة من هذه المسالة.
وأخيرا تأتي مرحلة الاندماج والاستقرار والشمول حيث تعقب مرحلة الرضا مراحل متتابعة تختلف من مشكلة إلى أخرى ومن مجتمع لآخر ويلاحظ في المجتمعات النامية الرأي العام إن قدرت له فرصة التعبير عن ذاته ينتهي في أحسن الأحوال عند مرحلة الرضا، بل يغلب عليه ألا يصل إلى هذه المرحلة إن لم يتحلل ويختف خلال مرحلة الصراع وتشمل هذه المراحل التالية لمرحلة
§ مرحلة الاندماج:
ويقصد بها اتجاه الفرد لا شعوريا إلى استيعاب ما اتفقت عليه الجماعة ليصبح ذلك الجزء محل الاتفاق الجماعي ليس مجرد تعبير عن رأي أو وجهة نظر وإنما يرتفع ليصير عنصرا من عناصر الوجود العقيدي للفرد.
§ مرحلة الاستقرار:
ويقصد بها أن تنتهي في الأمد الطويل عمليتا الرضا والاندماج إلى خلق نوع من الترابط بين مختلف قوى المجتمع وجماعاته الاجتماعية والاقتصادية والحاكمة والمحكومة وبحيث يتقبل ويعمل الجميع بشكل متجانس ومتناسق وفقا للرأي محل الرضا والاندماج باعتباره مظهرا من مظاهر التعبير ...
§ مرحلة الشمول:
ويقصد بها ارتفاع تلك الجزئية من جزئيات الرأي العام ( محل الرضا والاندماج) لترتبط بالمجتمع السياسي القومي كحقيقة كلية تعبر عن إحدى سماته ومثال ذلك أن كراهية الشعب الألماني من جانب الشعب الفرنسي تراكمت خلال خبرات متعددة من الاعتداءات الألمانية ابتداء من الحروب السبعينية حتى الحرب العالمية الثانية، وبالتالي فان هذه الكراهية رأي عام تحول ليصير إحدى سمات الطابع القومي الفرنسي ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). وينطبق أيضا على الطابع القومي لأي بلد عربي آخر بصدد الإسرائيليين ولا سيما البلدان العربية التي عانت وتعاني من اعتداءات إسرائيلية.
4.العوامل المؤثرة في تكوين الرأي العام
ذهب كثير من الباحثين في مجال الرأي العام على خلاف ما سبق إلا أن هناك عديد من العوامل التي تتداخل في تكوين الرأي العام وفيما يلي عرض لبعض تلك العوامل.
1.4الحضارة والمؤثرات الثقافية:
تشكل الحضارة والتراث الثقافي عنصرا هاما من عناصر تكوين الرأي العام فهذا التراث يلعب دورا هاما في تكييف الأفراد والجماعات وتهيئتهم، لتبادل أفعال وردود أفعال معينة تحدد أنماط سلوكهم الاجتماعي، ومما لا شك فيه أن كل مجتمع وكل حضارة تنقل للأفراد الجدد ميراثا يشمل مجموع ما يعتقد السابقون انه صواب، ولقد تحدث في ذلك العالم. البريطاني"تايلور" حين رأى أن كل جيل يلد جيلا جديدا من البدائيين الذين يجب تثقيفهم مما ينتج عنه تعليمهم معتقدات المجتمع تجاه ما هو صواب وحصيلة تجاربهم وعلومهم ويعتقد أن بعض الآراء نمتصها بمسامنا وهذا ما يقال لكون المجتمع والثقافة تعلمنا ببساطة ووضوح وأحيانا ببراعة ومكرما هو متوقع منا ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). 2.4 الأسرة:
تعتبر الأسرة على أنها الكيان الوسيط بين المجتمع وأفرادها، حيث أنها تقوم بتربية أطفالها وتنشئتهم وتبث فيهم مفاهيم الحياة والقيم السائدة في المجتمع وذلك باعتبارها الخلية الأولى الأساسية المؤثرة على الفرد بصفة مباشرة خاصة في مرحلة الطفولة فهي أولى المدارس التي يتعلم فيها الفرد كيفية التعبير عن الرأي التي تشكل بعد ذلك نمط تعبيره عن الرأي بصفة عامة وذلك في مختلف المواقف الاجتماعية التي تصادفه ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) . 3.4 النظام السياسي:
تسعى مختلف النظم السياسية إلى تدعيم شرعيتها قانونيا وسياسيا من خلال كسب تأييد الرأي العام والتحرك وفق ما تعرضه من إطار عام للحركة السياسية ووفق ما يساير اتجاهاته الحقيقية، والنظام السياسي يلعب دورا هاما في تكوين الرأي العام، فالمواطن في العصر الحديث يقع تحت الهيمنة الكاملة الإيديولوجية السائدة في النظام السياسي، فإذا كان النظام قائما على الديكتاتورية وحكم الفرد ترتب على ذلك حرمان طبقات كاملة من التعبير السياسي مما يؤدي إلى سلبية الرأي العام، أما في الأنظمة القائمة على الديمقراطية والشورى فان الرأي العام يكون أكثر فعالية وايجابية([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). 4.4 وسائل الإعلام:
لاشك أن تعقد الأحداث وتغيرها وبالتالي تعقد السياسة وصعوبة متابعتها يستلزم إمداد الموطن بمعلومات عن السياسة والأحداث لذلك كان لا بد من الاعتماد على قناة تتسم بالمرونة والسرعة والقدرة على التغلغل في أنحاء الدولة كي يستطيعوا إعلام هذا المواطن وربطه بعالم السياسة، ولا شك أن نظام الاتصال، باعتباره أكثر الهياكل تخصصا يستطيع أن يتجاوب مع هذه الحقيقة ومنح وسائل الإعلام النخب السياسية في المجتمع إمكانيات هائلة لإثارة المصلحة والتأثير في اتجاهات المواطنين، كما أن الانتشار الحر للمعلومات من خلال وسائل الاتصال تخلق إمكانية كبيرة للتحرك الشعبي على أساس معرفة واسعة ودقيقة بالأحداث السياسية ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])، فوسائل الإعلام الجماهيرية تعتبر عامل من عوامل تكوين الرأي العام كونها تستغل الإدراك المحدود للأفراد ومعرفتهم للأشياء بطريقة غير مباشرة أي عن طريق المعلومات والصور التي تنقلها إليهم بدلا من الخبرة الموضوعية والإدراك المباشر، فوسائل الاتصال الجماهيري تؤدي دورا بالغ الأهمية والخطورة في تكوين الرأي العام وتشكيله، فهي تعمل على تكوين وإيجاد الصور الذهنية التي تحقق أهداف القائمين بالعمليات الإعلامية عن طريق التحكم في المعلومات التي يعرفها الناس ونجدها أيضا تقوم بتعبئة الجماعة وحشدها حول أفكار وآراء واتجاهات معينة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). مهما كانت هذه الجماهير متباعدة جغرافيا أو غير متجانسة ديمقراطيا أو متباينة من الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي.
5. كيفية التأثير في الرأي العام
التأثير في الرأي العام يكون أكثر يسرا وفعالية إذا كان متعلقا بموضوعات جديدة أو مسائل لم يسبق تكوين آراء واتجاهات حيالها وهناك خمس أساليب تقليدية لتغيير الرأي العام والتأثير عليه.
1.5 أسلوب التكرار والملاحقة:
يعتقد الكثيرون أن أسلوب التكرار، لا جدال ولا مناقشة، هو أنجح الأساليب لتغيير الرأي العام، وقد اعتنقت الدعاية الألمانية هذا الأسلوب وعملت من خلاله على استثارة مشاعر الجماهير إزاء بعض القضايا.
2.5 أسلوب الإثارة العاطفية:
يعتمد هذا الأسلوب على إثارة العواطف لأعلى المناقشة والإقناع، ويتطلب هذا الأسلوب لضمان استمرار وصوله إلى أهدافه، احتكار الجماهير وتوجيهها وعدم السماح بوصول آراء مخالفة، وكان "هتلر" يعتقد أن استجابة الجماهير تكون دائما استجابة عاطفية أكثر مما هي عقلية، لذلك كان يدعو إلى أن تتجه الدعاية إلى العواطف أسلوب عرض الحقائق، وهو ما يطلق عليه الإعلام، وهذا الأسلوب يعتمد أساسا عل الوصول إلى الحقائق إلى اكبر عدد ممكن من الناس على أساس أن الحقائق الملموسة أقوى أثرا وأبقى من الأكاذيب والتهاويل والشائعات ويتبع هذا الأسلوب من احترام عقلية الجماهير وحقها الديمقراطي في حكم نفسها بنفسها، ومن العوامل التي تحقق نجاح هذا الأسلوب التربية السياسية الواعية للجماهير عن طريق الشرح والمناقشة والإقناع. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] 3.5 أسلوب تحويل انتباه الجماهير:
قد يصعب في أحيان كثيرة معارضة الرأي العام السائد بين الجماهير بالنسبة لمسألة أو موضوع معين، ذلك أن معارضة تيار جارف من الرأي العام بعد تكوينه لا تأتي بنتيجة ما حتى لو كان الرأي العام على خطأ والأسلوب الذي يتبعه السياسيون وأجهزة الدعاية في مثل هذه الأحوال هو تحويل انتباه الجماهير إلى موضوع آخر في مثل أهمية الموضوع المشار أو أكثر أهمية منه، ويعتبر تغير موضوع الموقف هو التبديل لأحد موضوعات الموقف لموضوع آخر في شكله النهائي اللائق وعندما يحدث التغيير في موضوع الموقف سنتوقع أن يتم تبديل كل من الموضوع والشعور المرتبط به لموضوع جديد تماما مع الشعور المرتبط به.
4.5 أسلوب البرامج المحددة:
ويسمى الأسلوب المتكامل حيث يتضمن معظم الأساليب السابقة مضافا إليها الوضوح والتجديد ومخاطبة الجوانب النفسية لدى الجماهير مع مراعاة التركيز على وقائع محددة والابتعاد عن الأمور المبالغ فيها والصياغات المطاطة.
ويدرك رجال السياسة مزايا البرامج ولذلك يحرص معظمهم على التقدم إلى الناخبين ببرامج محددة ولكن هذه البرامج تفقد قيمتها ويتلاشى أثرها ما لم يتبعها عمل وتنفيذ حتى لا تنقلب إلى عكس[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] - السيد رمضان جلال الدين عبد الخالق، عبد المحي محمود صالح، العلاقات العامة والإعلام في الخدمة الجماعية، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،د ن، 2004 ، ص ص 89، 90 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] - عبد اللطيف حمزة ، المدخل في فن التحرير الصحفي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ط 5، 2002 ، ص49 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] - جمال مجاهد، الرأي العام وقياسه (الأسس النظرية والمنهجية)، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،د ن، 2003 ، ص15 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] - سمير محمد حسين، الرأي العام الأسس النظرية والجوانب المنهجية، عالم الكتاب، القاهرة، ط1، 1997، ص73. تابع.............إلى الأسفل