عدد المساهمات : 82 تاريخ التسجيل : 25/03/2010 العمر : 47 الـبلد : عربي
موضوع: المستندات والتوثيق في البنوك الاسلامية 29/11/2010, 12:13
المستندات والتوثيق في البنوك الاسلامية 1_ التوثيق: نبذة تاريخية نعرفجميعاً أن حياة الإنسان _وكذا حياة المؤسسات والشخصيات الاعتبارية _ هي سلسلة منالارتباطات والالتزامات، من الحقوق والواجبات، وأن الإنسان يبدأ صحبة الوثائق منذاللحظة الأولى لولادته حيث تصدر له شهادة ولادة وحتى اللحظة الأخيرة في حياته حيثتصدر له شهادة الوفاة، ولا حاجة بنا لنعدد آلاف الحالات التي يتعامل بها الإنسان معالوثائق وكذا المؤسسات. وقد استعمل الإنسان ومنذ بدء وجوده على هذا الكوكب أساليبالتوثيق المختلفة من النقوش على الصخور والكهوف وحتى الإتفاقيات المكتوبة المختلفةالتي نعرفها في عالم اليوم. وفي عالم التجارة، وعالم المال والأعمال حين كانالتعامل يتم بالمقايضة في أبسط صوره لم تكن الضرورة تقضي أن تحرر هذه العقودالبسيطة. ولكن حين توسعت المعاملات وتطورت الشروط بين المتعاملين ولجأوا إلىالتعامل الآجل ظهرت الحاجة ملحة إلى تحرير هذه الارتباطات وقد كتب الرومان في هذاالموضوع. كما جاءت أطول آية في القرآن الكريم قاطبة تتحدث عن التوثيق في أحكمصيغة وفي صورة لم يعرف المقننون الوضعيون مثيلا لها. بسم الله الرحمالرحيم (يا أيها الذينَ آمنوا إذا تداينتُم بدينٍ إلى أجلٍ مُسمّىً فاكتبوهوليكتُب بينكم كاتبٌ بالعدل)، الآية 282 من سورة البقرة. ففي هذه الآية الكريمةيتحدث المولى عز وجل عن الديون الآجلة وعن الكاتب العدل أو ما يسمى بالإنكليزية NOTARY PUBLIC كما يتحدث عن توثيق الكتابة بشهادة الشهود وعن الرهونات. وأجزم أنأصحاب الفضيلة علماءنا قد استنبطوا الكثير الكثير في فقه المعاملات من هذه الآيةالكريمة. وإذن فإن للتوثيق والمستندات أهمية كبرى في حياة البشر حيث تدون وقائعالإتفاقات وشروطها وحيث يرجع إليها إذا نسى أحد الطرفين أو كلاهما، أو إذا اختلفافي تفسير ما اتفقا عليه أو أنكرا بعضه أو كله. 2_ التوثيق والبنوك: من نافلةالقول ذكر أن عمل البنوك في كل دقيقة من دقائقه، يخلق مستنداً أو مجموعة منالمستندات قبل وبعد تنفيذ أي عمل. وحيث أن المال هو المقابل لكل عملية من العملياتالمصرفية، فإن إهمال المستندات والتوثيق في العمل المصرفي يعرض المصرف إلى مخاطر قدتبدأ بخسارة دراهم معدودة وقد لا تنتهي حتى ولو أفلس المصرف. ولو أحصينا ما يقومبه أي مصرف من أعمال وتصرفات مع عملائه لوجدنا أن لكل عملية مستنداً أو مجموعة منالمستندات التي تحكم هذا التعامل وتنظم الشروط والقواعد حماية لمصلحة جميع الأطراف. ويبدأ المصرف رحلة التعامل بالمستندات مع عملائه منذ اللحظة التي يفتح بها العميلحساباً _ أي حساب_ مع المصرف وربما قبل ذلك إذا كتب العميل يسأل أسئلة مستفسراً عنأنماط وصور الحسابات.. الخ. ومن أكثر صور المستندات أهمية وخطورة تلك التي تتعلقبحفظ حقوق المصرف تجاه عملائه وتلك التي تتعلق بحماية المصرف من مطالبات عملائهوغيرهم له بدفع مبالغ أو تعويضات. 3_ أهمية التوثيق والمستندات في العملالمصرفي: تبدو أهمية التوثيق والمستندات في العمل المصرفي جدلية واضحة حين يختلفالمصرف وعميله وحين يضطر أحدهما لجلب صاحبه لساحة القضاء، هناك تسود القاعدةالذهبية في التوثيق (العقد شريعة المتعاقدين) وبالتالي فإهمال توثيق أي اتفاق كليةأو توثيقه بوثيقة ضعيفة. ويضعف مركز أحد الطرفين ويضر بمصالحه ضرراً ربما أدى إلىخسائر أخرى لا يعلم مداها إلا الله، خصوصاً إذا تضرر ما يعرف بالأطراف الثالثة،وهذه الأطراف ليست في العادة طرفاً في الاتفاق، ولكن لها مصالح يجب أن تصان. وأضربعلى ذلك مثلا بشخص يدعي ملكية شركة ويفتح باسمها حسابا لدى أحد المصارف حيث يتلقىالدفعات المختلفة لصالح هذه الشركة بدون سند يثبت تفويضه بالقيام بذلك العمل. أصحابهذه الشركة الشرعيون هم طرف ثالث لهم أن يرجعوا على البنك بالتعويض عن كل ما تصرفبه المالك المزعوم بإسمها.. إذن في كل مرة نحتاج إلى المستندات نكتشف أهمية تلكالمستندات وفي كل مرة نكتشف فيها ثغرات في التوثيق نثوب إلى رشدنا ونصدر المذكراتوالتعليمات. 4_ المستندات والوثائق في عمليات الإستثمار: 4_1 وحيث أناجتماعنا اليوم خصص للبحث والتداول في المشروعات الإستثمارية المطروحة فاسمحوا ليأن أقول: إن المستندات والعقود أكثر ما تكون لزوماً وأهمية في عمليات الإستثمار،قصيرة ومتوسطة وطويلة، لذا فسوف أحاول بقدر المستطاع أن أعرض ملاحظاتي وأحصرها فيهذا المجال. 4_2 فكما نعرف فإن عمليات الإستثمار تمثل الاستخدامات لمواردالمصرف، تلك الموارد التي تتكون من أموال المساهمين والمودعين. وهدف عملياتالإستثمار الأساسي هذه هو تنمية تلك الموارد ويجب أن يكون هدف تنميتها مقترناًبأنجح الأساليب لحمايتها. وهنا تبرز أهمية الناحية المستندية لعملياتالاستثمار. 4_3 بعد البحث عن الفرصة الإستثمارية المجدية، تدخل أطراف العلاقةفيما بينها في مفاوضات تهدف إلى الوصول إلى أنسب الشروط لكل منها حيث تتفق على حصصالتمويل المختلفة وهوامش الربح والضمانات والرهونات والكفالات والقيود إلى آخر ذلكمن الشروط. وهنا فإن على المصرف أن يحرص على أن تفرغ كل تلك الشروط في إتفاقياتيصوغها أصحاب الإختصاص. وفي بعض الأحيان وخصوصا في العمليات القصيرة الأجل، يتمالتوقيع على نماذج معدة سلفاً وهنا يجب أن يحرص المسؤول على أن يستعمل المستندالمناسب لطبيعة العملية المعروضة. وإذا لم يناسب المستند تلك العملية يجري تعديلهأو إضافة الشروط الخاصة التي تتناسب وطبيعة تلك العملية. ولست أدري إن كان أحدكمأو بعضكم قد استعمل أو صادف في حياته المهنية حالات استعمل فيها مستنداً ما لغيرالعملية التي صمم من أجلها. من ذلك ما أخبرني به أحد الزملاء من أن مصرفاً ما دخلفي عملية مشاركة لاستثمار سيارات نقل. وعندما وقع خلاف بين المصرف وشريكه، اكتشفالمسئول أن عقد المشاركة المستعمل كان يتكلم عن مشاركة في بضاعة وعن تقديم تقريرشهري بقيمة المباع من البضائع موضوع المشاركة وكذا عن عدم بيع البضائع موضوعالمشاركة باسعار تقل عن سعر البيع المتفق عليه.. الخ. أين هي تلك البضائع؟ لقدمضى اتفاق المشاركة يتحدث عن البضائع ونسى السيارات تماماً. إن مثل هذا الحادثيقودني للحديث في النقطة التالية: 4_4 أهل الإختصاص: ذكرت في الفقرة السابقة أنعلى المصرف أن يحرص على أن تفرغ شروطه تعامله في إتفاقيات يصوغها أصحابالإختصاص. إن خبرتنا في العمل المصرفي الإستثماري وغيره _مهما طالبت _ يجب أن لاتقنعنا بأننا نستطيع أن نستغني عن أصحاب الإختصاص، وليأذن لي أصحاب الفضيلة مراقبوالمصارف الإسلامية الشرعيون أن أحدد أن أصحاب الاختصاص في صياغة العقود هم في نظريالمحامون والمتسشارون القانونيون، وأسرع فأستدرك أنه من الطبيعي أن تنسجم المستنداتوالعقود التي يصوغها هؤلاء والشريعة الإسلامية الغراء، مما يستدعي أن يكون التعاونوثيقاً بين الطرفين. فنحن نعيش في بيئة قانونية مدنية في كل البلاد التي تعمل بهاالبنوك الإسلامية، وهذا واقع لا يمكن تجاهله وبالتالي فيجب أن يكون هناك إنسجام بينما تستعمل المصارف الإسلامية من عقود ومستندات وبين القوانين المرعية في البلادالتي تعمل فيها. كذلك فإن صاحب الاختصاص، أي المستشار القانوني بالإضافة إلىصياغته القانونية للاتفاقيات، فإنه سوف ينبه إلى كثير من الأمور التي تؤثر علىالمركز القانوني للمصرف الإسلامي كدائن، وكذلك ينبه إلى الإجراءات التي يتطلبهاالقانون حتى يتم الإعتراف بحق المصرف الإسلامي في الدين، كما يبين ما يمكن وما لايمكن عمله. ومن الأمثلة على ذلك قدرة المصرف الأجنبي من عدمها على تلقي الرهونلصالحه في بلد المدين إذا كان كل من البنك والمدين في بلد غير بلد الآخر، وكذا فحصأوراق المدين لتحديد قدرة الملتزم بالدين على الدخول في مديونية نيابة عن موكله أوعن مؤسسته أو شركته. 4_5 ومن النواحي ذات الأهمية التي يجب التنبيه عليها حفظالحقوق المصرف تجاه عميله أن يؤخذ عامل تغير الظروف بعين الإعتبار مثل موت أحدالشركاء المتضامنين في شركات التوصية أو انسحاب الشريك المدير في تلكالشركات. كذلك موضوع القيود التي يمكن فرضها على العميل حتى لا تضعف مركز المصرفأمام الآخرين المتعاملين مع نفس العميل مثل الرهن السلبي NEGATIVE PLEDGE حيث تقيدحرية العميل في رهن أملاكه لدائنين آخرين قبل سداد دين المصرف الأول لما في ذلك منإخلال بمقدرة العميل على الوفاء. وكذلك موضوع فشل العميل في أداء الديونالمستحقة للآخرين EVENT OF DEFAULT أو إمكانية أن تؤدي إلى استحقاق ديون أخرى كثيرةوتحديد موقف المصرف الإسلامي في تلك الحالة. وعند التعامل بعملات أخرى غيرالعملة الأصلية للمصرف يجب الانتباه إلى وجود شرط توافر العملية المعنية، إذ قد لاتتوافر هذه العملة نتيجة ظروف خارجة عن إرادة المصرف الإسلامي، وبالتالي يستحيلتنفيذ الإتفاق. وعند وجود رهن متذبذب القيمة يجب الإنتباه إلى تضمين شرط تعويضالفرق أو إستحقاق فرق الدين إذا انخفضت قيمة الرهن. وفي حالات إتفاقيات المشاركةفيجب الإصرار على تضمين الإتفاق شرط التمثيل للمصرف الإسلامي وحقه في إختيار وعزلمراقب الحسابات. 4_6 ومن الأمور ذات الأهمية دراسة علاقة العميل كوحدة قانونيةبالوحدات القانونية الأخرى التي يرتبط بها، وعلى وجه الخصوص في حالات الشركاتالقابضة والتابعة والشقيقة، فإن أياً من هذه الوحدات وإن كانت عضواً في مجموعةواحدة إلا أنها غالباً ما تكون كياناً قانونياً مستقلاً وبالتالي فإن عضوية تلكالوحدة في مجموعة لا تقوى بالضرورة من مركز تلك الوحدة وفي كثير من الأحيان كنانطلب كفالة الشركة الأم أو الشركة القابضة لتقوية الوضع القانوني للشركة المتعاملةمعنا. 4_7 مستندات إثبات الدين: في غالب الحالات فإن العلاقة بين المصرفالإسلامي وعميله الإستثماري سوف تتحول إلى علاقة دائن بمدين، وهنا يجب الحرص علىإنتقاء المستند أو المستندات الملائمة لإثبات المديونية بالشروط المناسبة كما مرآنفا. ونستطيع أن نخلص إلى أن أبسط مستندات الدين _والتي قد تختلف من بلد لبلد بحكمإختلاف القوانين الوضعية _ تتمثل في الآتي: 1_ إتفاقية التعامل الأصلية: مرابحة _مشاركة _ مضاربة، عقد إيجار، عقود إستثمار طويلة الأجل.. إلخ. 2_ السنداتالإذنية والكمبيالات. 3_ تفاويض القيد على الحساب تسديداً للمديونية. 4_ الشيكات الآجلة في بعض البلاد التي تسمح قوانينها بذلك. 5_ كشوف الحساباتالجارية أو كشوف حسابات العمليات المصادق عليها من قبل العميل. 6_ ميزانياتالعميل المدققة والتي يظهر فيها دين المصرف. 4_8 المستندات التكميلية: هناكالكثير من المستندات التكميلية التي تؤخذ لتقوية وضع المصرف كدائن. وأبرزها: 1_ الكفالات المصرفية والشخصية. 2_ عقود الرهن. 3_ إيصالات المخازن. 4_ مستندات الشحن. 5_ كمبيالات التأمين. 6_ بوالص التأمين على الحياة (لغيرالمصارف الإسلامية). 5_ أخيراً ربما يقول قائل لم كل هذا العناء، ولم تكبدالنفقات في اختيار وتعيين مستشارين وتحرير الإتفاقيات والمستندات؟ أو لسنا نعاملأناساً محترمين وأنهم سوف يقومون بإلتزامهم؟ ونجيب نعم، فمعظم عملائنا كذلك، أو يجبأن يكونوا كذلك. ولكن ألستم معي في أن الظروف قد تتغير وقد نجد أنفسنا مع عميل يجريتصفية عمله بحكم قضائي أو نتيجة لأوضاع إقتصادية سيئة، ولو استطعنا أن نعرف مثل هذاالعميل مسبقاً لما تعاملنا معه تجنباً للخسارة، ولكن لأن المعرفة المسبقة أمرمستحيل، فلا بد من اللجوء إلى المستندات. وقد أثبتت التجربة أن الدائنين الذينيملكون أفضل المستندات يكونون دائماً في أقوى وضع لاسترداد أقصى ما يمكن من حقوقهم،مقارنين بمن لا يملكون المستندات، أو الذين يملكون المستندات الضعيفة. إن أهميةالمستندات تظهر جلياً عند الحاجة إليها، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ باستحالة ذلك (ياأيّها الذين آمنوا إذا تداينتُم بدينٍ إلى أجلٍ مسمّى فاكتُبوه)، إلى آخرالآية.
king المدير العام
عدد المساهمات : 2604 تاريخ التسجيل : 05/02/2010 العمر : 35 الـبلد : الوطن العربي
موضوع: رد: المستندات والتوثيق في البنوك الاسلامية 29/11/2010, 15:14