وهؤلاءهم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار-رضي الله عنهم-،والسابقين الأولين؛ فكيف بمن بعدهم؟ ! وكيف بمن ليس له مقام رسول الله -صلىالله عليه وسلم- من الناس؛ سواء كان من العلماء أو الدعاة أو ممن لهم رياسة أووجاهة؟ ! فلا يمكن أن يجتمع الناس إلا على أساس الرحمة والرفق .
َقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهلِرَجُلٍ شَتَمَه:
فلا بد من تربية النفس على الرضا،والصبر، واللين، والمسامحة هي قضية أساسية، والإنسان يتحلّم حتى يصبح حليمًا .
وبإسناد لا بأس به عن أَبي الدَّرداءِقالَ: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّما العلمُبالتعلُّم، وإِنما الحِلْمُ بالتحلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّ الخيرَ يُعْطَهُ، ومَنْيَتَّقِ الشرَّ يُوقَه ُ ".
فعليك أن تنظر فينفسك وتضع الأمور مواضعها قبل أن تؤاخذ الآخرين، وتذكر أن تحية الإسلام هي : السلامعليكم ورحمة الله وبركاته، التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نقولهالأهلنا إذا دخلنا، بل قال الله -سبحانه وتعالى-: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: من الآية61 ]. وأن نقولها للصبيان والصغاروالكبار ومن نعرف ومن لا نعرف .
والكلام سهل وطي وميسور ولا يكلف شيئًا، وأعتقد أن أي واحد يستطيع أن يقولمحاضرة خاصة في هذا الموضوع، لكن يتغير الحال بمجرد الوقوع في كربة تحتاج إلى الصبروسعة الصدر واللين فتفاجأ بأن بين القول والعمل بعد المشرقين . خامسًا: استحياء الإنسان أن يضع نفسه فيمقابلة المخطئ .
وقد قال بعض الحكماء : "احْتِمَالُ السَّفِيهِ خَيْرٌ مِنْ التَّحَلِّي بِصُورَتِهِ وَالْإِغْضَاءُ عَنْالْجَاهِلِ خَيْرٌ مِنْ مُشَاكَلَتِه ".
وقال بعض الأدباء: "مَا أَفْحَشَحَلِيمٌ وَلَا أَوْحَشَ كَرِيمٌ ".
سادسًا: التدرب على الصبر والسماحة فهي من الإيمان .
إن هذه العضلة التي في صدرك قابلةللتدريب والتمرين، فمرّن عضلات القلب على كثرة التسامح، والتنازل عن الحقوق، وعدمالإمساك بحظ النفس، وجرّب أن تملأ قلبك بالمحبة ! فلو استطعت أن تحب المسلمينجميعًا فلن تشعر أن قلبك ضاق بهم، بل سوف تشعر بأنه يتسع كلما وفد عليه ضيفجديد، وأنه يسع الناس كلهم لو استحقوا هذه المحبة .
فمرّنعضلات قلبك على التسامح في كل ليلة قبل أن تخلد إلى النوم، وتسلم عينيك لنومة هادئةلذيذة . سامح كل الذين أخطؤوا في حقك، وكل الذين ظلموك، وكل الذين حاربوك، وكلالذين قصروا في حقك، وكل الذين نسوا جميلك، بل وأكثر من ذلك..انهمك في دعاء صادقلله -سبحانه وتعالى- بأن يغفر الله لهم، وأن يصلح شأنهم، وأن يوفقهم..؛ ستجد أنكأنت الرابح الأكبر .
اغسل هذا القلب، وتعاهده يوميًّا؛ لئلاتتراكم فيه الأحقاد، والكراهية، والبغضاء،والذكريات المريرة التي تكون أغلالاًوقيودًا تمنعك من الانطلاق والمسير والعمل، ومن أن تتمتع بحياتك .
سابعًا: قطع السباب وإنهاؤه مع من يصدرمنهم، وهذا لا شك أنه من الحزم .
وبالخبرة وبالمشاهدة فإن الجهد الذي تبذله في الرد على من يسبك لنيعطي نتيجة مثل النتيجة التي يعطيها الصمت، فبالصمت حفظت لسانك, ووقتك, وقلبك،ولهذا قال الله سبحانه وتعالى لمريم عليها السلام : {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَالْبَشَرِأَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَالْيَوْمَ إِنْسِيًّا} والكلام والأخذ والعطاء، والرد والمجادلة تنعكس أحيانًاعلى قلبك، وتضر أكثر مما تنفع .
ثامنًا: رعايةالمصلحة
ولهذا أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحسن رضي الله عنه بقوله: (ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) أخرجه البخاري . فدل ذلكعلى أن رعاية المصلحة التي تحمل الإنسان على الحرص على الاجتماع, وتجنب المخالفة هيالسيادة .
تاسعًا: حفظ المعروف السابق , والجميل السالف .
ولهذا كان الشافعي - رحمه الله- يقول: إِنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَ لَفْظَةً .
وتِلكُم هيَ يا إخوتي تسـعـةمخــارجٍ نصِـل من خلالهــا .. إلى أشرف السجايـا .. وأسمـى الخصال .. لاتنسو الدعاء