ملكة الإحساس مشرف
عدد المساهمات : 543 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 37 الـبلد : الجزائر
| موضوع: عن أبي عباس سهل بن سعد الساعدي 16/3/2011, 09:18 | |
| عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضيالله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، دلّني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبّني الناس ، فقال : ( ازهد في الدنيا يحبّك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس ) .الشرح ...الإنساناجتماعي بطبعه ، يحبّ أن يأنس بالناس ، وأن يأنس به الناس ، كما يعجبه أنيكون محبوبا في مجتمعه ، محترما في بيئته ، لذا فهو يسعى دائما لكسب ودالناس وحبهم ، والعاقل من البشر من يسعى لرضى ربّ الناس قبل سعيه في كسبرضى الناس .ولاشك أن لنيل محبّة الله ثم محبّة الناس سبيل وطريق ، من حاد عنه ، خسر تلكالمحبّة ، ومن سلكه فاز بها ، وأنس بلذتها ، ولذلك أورد الإمام النووي رحمه الله هذا الحديث ، ليكون معلما ومرشدا ، وليبيّن لنا الكيفية التي ينال بها العبد محبة ربّه ومحبة خلقه .إنمحبّة الخالق للعبد منزلة عظيمة ، فهي مفتاح السعادة ، وباب الخير ، ولذلكفإنها لا تُنال بمجرّد الأماني ، ولكنها تحتاج من العبد إلى الجدّوالاجتهاد في الوصول إلى هذه الغاية ، وقد جاء في الكتاب والسنة بيانللعديد من الطرق التي تقرّب العبد من مولاه وخالقه ، وتجعله أهلا لنيلرضاه ومحبته ، وكان من جملتها ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم فيهذا الحديث من التخلق بخلق الزهد .والزهدهو قصر الأمل في الدنيا ، وعدم الحزن على ما فات منها ، وقد تنوعت عباراتالسلف في التعبير عنه ، وأجمع تعريف للزهد هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال : " الزهد: هو ترك ما لا ينفع في الآخرة " ، وهذا يشمل ترك ما يضر ، وترك ما لا ينفع ولا يضر .ولايفهم مما سبق أن الأخذ من طيبات الحياة الدنيا على قدر الحاجة ينافي معنىالزهد ، فقد كان من الصحابة من كانت لديه الأموال الكثيرة ، والتجاراتالعديدة ، كأمثال أبي بكر الصديق و عثمان بن عفان و عبدالرحمن بن عوف رضيالله عنهم أجمعين ، لكن هذه التجارات وتلك الأموال كانت في أيديهم ، ولمتكن في قلوبهم ، ولهذا ترى الصحابة رضي الله عنهم في باب الصدقة ، ومساعدةالمحتاج ، والإنفاق في سبيل الله ، تراهم كمطر الخير الذي يعطي ولا يمنع ،ويسقي حتى يُشبِع .وعلىهذا فإن حقيقة الزهد : أن تجعل الدنيا في يدك لا في قلبك ، فإذا كان العبدمقبلا على ربّه ، مبتعدا عن الحرام ، مستعينا بشيء من المباحات ، فذلك هوالزهد الذي يدعو إليه الحديث ، وصدق بشر رحمه الله إذ يقول : " ليس الزهد في الدنيا تركها ، إنما الزهد أن يُزهد في كل ما سوى الله تعالى ، هذا داود و سليمان عليهما السلام قد ملكا الدنيا ، وكانا عند الله من الزاهدين " . ولقدوعى سلفنا الصالح تلك المعاني ، وقدروها حقّ قدرها ، فترجموها إلى مواقفمشرفة نقل التاريخ لنا كثيرا منها ، وكان حالهم ما قاله الحسن البصري رحمهالله : " أدركت أقواما وصحبت طوائف ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا إذاأقبل ، ولا يأسفون على شيء منها إذا أدبر ، وكانت في أعينهم أهون منالتراب " .لقد نظروا إليها بعين البصيرة ، ووضعوا نُصب أعينهم قول الله تعالى : { يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور } (فاطر : 5 ) ، وقوله : { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح } ( الكهف : 45 ) ، فهانت عليهم الدنيا بكلّ ما فيها ، واتخذوها مطيّة للآخرة ، وسبيلاً إلى الجنّة .ثم يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم السبيل إلى محبة الناس فقال : ( وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس ) ،ومعنىذلك : ألا يكون القلب متعلقا بما في أيدي الناس من نعيم الدنيا ، فإذا فعلالعبد ذلك ، مالت إليه قلوب الناس ، وأحبته نفوسهم .والسرّفي ذلك أن القلوب مجبولة على حب الدنيا ، وهذا الحب يبعثها على بغض مننازعها في أمرها ، فإذا تعفف العبد عما في أيدي الناس ، عظم في أعينهم ؛لركونهم إلى جانبه ، وأمنهم من حقده وحسده .فما أعظم هذه الوصية النبوية ، وما أشد حاجتنا إلى فهمها ، والعمل بمقتضاها ، حتى ننال بذلك المحبة بجميع صوره | |
|